دينك لحمك دمك | الشيخ مسعد انور | (رمضان قرب يلا نقرب 3🌙) الموسم الثالث

تعلمون عباد الله أن نعم الله علينا لا تُعد ولا تُحصى،
غير أن أعظم نعمة أنعمها الله علينا نعمة الإسلام، نعمة الدين، فالحمد لله الذي اصطفانا للإسلام واصطفى الإسلام لنا. قال إبراهيم الخليل جدنا لأبنائه وهو يموت:
"يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ"
البقرة:132.
فالحمد لله على نعمة الإسلام، الحمد لله على نعمة هذا الدين القويم الذي هدانا ربنا به إلى صراطٍ مستقيم. هذا الدين هو النور الذي أنزله الله عز وجل من السماء ليخرجنا به من الظلمات إلي النور.
قال تعالى:
"اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ"
البقرة:257.
لاحظوا أن النور مفرد، وأن الظلمات جمع
لأن كل ما سوى الإسلام ظلمة، كل ما سوى الإسلام باطل
"إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ"آل عمران:19.
ووعد الله عز وجل من عمل بهذا الدين وعاش لهذا الدين أن يسعد في الدنيا، وأن يسعد في الآخرة، قال ربنا في سورة طه:
"قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ، يعني في الدنيا، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ"
طه:123.
ووعد رب العالمين من عمل بهذا الدين وعاش لهذا الدين أن يحيا حياة طيبة، أن يحيا حياة سعيدة، أن يشرح صدره، أن ينور له طريقه، قال تعالى "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً"
النحل:97.
وهدد الله كل من أعرض عن هذا الدين بالتعاسة، بالبؤسِ، بالشقاء، فقال جل جلاله:
"وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا"
طه:124.
فيا مسلم خذ دينك بقوة كما أمر ربنا يحيى عليه السلام
"يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ"
مريم:12.
وكما أمر الله المؤمنين الصالحين من بني إسرائيل
"خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"
البقرة:63.
أقبِل على القرآن، أقبِل على السنة، ومعنا رمضان فرصة عظيمة لإحياء الكثير من فرائض الدين، ومن سنن هذا الدين، يا مسلم إياك أن تتخلى عن دينك لشهوة، إياك أن تبيع مرضاة ربك بنظرة، إياك أن تتخلى عن دينك لعرض زائلٍ من أعراض الدنيا.
دينُك؛ دينُك دينُك لحمُك دمُك
إذا عَرُضت لك شهوة محرمة، فتذكر يوسف عليه السلام هذا الذي عرضت إمرأة العزيز وابنة أخت الملك في نفس الوقت، إمرأة العزيز ثاني رجل في الدولة وابنة أخت الملك الوليد بن الريان، وكانت حسناء فاتنة، جميلة، وعرضت نفسها عرضًا رخيصًا على رجلٍ غريب وأعزب، وهو من العبيد في الجملة
"قَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ"
يوسف:23.
أأبيع ديني بشهوة؟ أعوذ بالله.
أأبيع الجنة من أجل امرأةٍ في الحرام؟ معاذ الله.
"إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ"
زوجُكِ رباني وأكرمني، "إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ".
لماذا سمى يوسفُ الزنى ظلم؟
لأن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، والزاني يضع ماء الحياة في غير الموضع الذي أحله الله، هذا ظلم. إذا أعانها على نفسها في الشر ظلمها، إذا زنا بها خان زوجها وهذا ظلم، إذا زنا بها باع الجنة واشترى النار بشهوة ظلم نفسه.
قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ.
إذا عَرُضت لك شهوة المال، إذا اشتكيت من ضيق الحال، من ضيق ذات اليد وكدت أن تُفتن وتخسر دينك من أجل مئات، أو آلاف، أو ملايين، فتذكر صهيب بن سنان الذي خرج مهاجرًا بكل ما يملك بملايين، فوقف له الكفار إلى أين يا صهيب لقد جئتنا صعلوكًا لا مال لك وتريد أن تخرج بمالِك إلي محمد؟
قال: تعلمون أني من أرمَى الشباب في مكة، والله لن تصلوا إلي حتى أضع سهمًا من أسهمي في واحدٍ منكم، كل سهم براجل، كل سهم هوقع به راجل، ثم أُخرج سيفي من غمده وأقاتل حتى أُقتل، أو أدلكم على مالي في مكان كذا وتتركوني أهاجر إلى رسول الله، فلما وصل المدينة استقبله النبي بالبشرى:
ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى.
ونزل فيه:
"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ"
البقرة:207.إذا دعتك نفسك أن تبيع دينك من أجل كرسي، من أجل منصب، من أجل وزارة، من أجل أي منصبٍ كان؛ فتذكر آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون ملكة تملك الدنيا في زمانها آمنت بموسى -عليه السلام- فأخذها إلى الصحراء ودق المسامير في يدها وهي تضحك قال:
لقد جُنت آسيا، أدق المسامير في ديها وتضحك علام تضحكين؟ قالت: أعجب من جرأتك على الله ومن حلم الله تعالى عليك.